الخميس، 21 فبراير 2013

نصيحة شرعية واجبة لمؤسسة الرئاسة

في هذه الأوقات التي تمر فيها بلادنا بأزمة عميقة واختلاف شديد، لا يسعنا إلا أن نرجع إلى هدي نبينا صلى الله عليه وسلم وسننه في الحكم والسياسة. إنه من غير المقبول أن يظن كثيرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ترك لنا هديا كاملا وسننا مطهرة في الطعام والشراب والجماع ودخول الخلاء، ولم يترك لنا هديا كاملا وسننا مطهرة في الحكم والسياسة. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصية جامعة للأمة:

"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة" (صحيح ابن ماجه – وصححه الألباني وغيره).

سياق الحديث يوجب أن يكون في باب الحكم والسياسة، ويخص به في حال الاختلاف الشديد (كحال بلادنا الآن) ويبين أن المخرج منها التمسك بالسنن النبوية في الحكم والسياسة وكذا سنن الخلافة الراشدة في الحكم والسياسة. ويوجب قوله (عضوا عليها بالنواجذ) ضرورة التمسك بهذه السنن والحرص عليها والتعلق بها. كما يوجب قوله (كل بدعة ضلالة) حكما عاما، ولكن السبب الخاص الذي ذكر في سياقه، هو الابتداع في أساليب الحكم والسياسة بما يخالف السنن النبوية وسنن الخلافة الراشدة.

وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم "أول ما يغير سنتي رجل من بني أمية" (صححه الألباني وحسنه كثير من أهل العلم)، ومعلوم أن بني أمية لم يغيروا سننا في العبادات أو المعاملات، وإنما غيروا سننه في الحكم والسياسة. وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم "يا كعب بن عجرة أعاذك الله من إمارة السفهاء، قال وما إمارة السفهاء ؟ قال أمراء يكونون بعدي يهدون بغير هداي ويستنون بغير سنتي" (صححه الحافظ بن حجر). هذه الأحاديث وغيرها تتحدث عن سننه المطهرة في الحكم والسياسة، وينطبق عليها أيضا قوله صلى الله عليه وسلم "من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس فيه فهو ردٌ" (رواه البخاري).

فما هي السنن النبوية التي يجب أن تفيئ إليها الأمة الآن لتنتشلها من حيرتها، وتجمع قلوبها على كلمة سواء وخطة محكمة؟ وما هي سنن الخلفاء الراشدين التي أمرنا الصادق المصدوق باتباعها والعض عليها بالنواجذ؟

إن هذا الباب جدير بالتأمل والبحث وحقيق بالاستقصاء والاستنباط، لتنزيله على واقعنا الحرج الذي نعيشه، ويحتاج إلى جهود علمائنا وفقهائنا بصورة عاجلة لنتبين طريقنا ونوحد رؤيتنا. إن هذا يتطلب النظر في الآثار الصحيحة الواردة في هذا الباب من كلام نبينا صلى الله عليه وسلم وأقوال خلفائه الراشدين، كما يتطلب النظر في سيرته المطهرة الثابتة وسيرة الراشدين في هذا الباب وهي كثيرة متنوعة بفضل الله تبارك وتعالى.

أختار في هذا البحث القصير لقطة من السيرة النبوية المطهرة تشبه إلى حد كبير ظروفنا الحالية في وجوه كثيرة (وتختلف عنها أيضا في بعض الوجوه) واجتهد في القياس عليها، واستنباط الهدي النبوي من خلالها امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم (فعليكم بسنتي). أختار سيرته المطهرة في الأسابيع والشهور الأولى من بناء دولة الإسلام في المدينة المنورة.

عندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، بدأ على الفور في تأسيس أول دولة للإسلام. كانت التحديات في وجه تلك الدولة الوليدة هائلة. وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخريطة السياسية للمدينة متنوعة ومتشابكة، ووجد فيها ثلاث قوى متمايزة، لكل منها مشاكلها وتحدياتها، وكان من الضروري أن يضع لكل منها سياسة تناسبها من حيث وسائل التعامل، ومن حيث الرؤية بعيدة المدى (الاستراتيجية).

كانت المدينة بها ثلاث قوى واضحة:
• المسلمون (المهاجرون والأنصار)
• اليهود (وكانوا قد استقروا في المدينة منذ حوالي خمسة قرون)
• المشركون (وكانوا يمثلون أكثر سكان المدينة الأصليين، وما يجاورها من القبائل المتناثرة في ضواحي المدينة)

أولا: المسلمون
وقد كانت لهم ثلاث مشكلات رئيسية. الأولى أنهم لأول مرة تتكون لهم دولة ومجتمع جديد أمره بأيديهم وليس بأيدي أعدائهم، وهذا يتطلب مقتضيات لم يعرفوها في مكة. كان عليهم تكوين دولة من الصفر لرعاية مصالحهم وحوائجهم الملحة. المشكلة الثانية كانت اندماج شطري المسلمين من المهاجرين والأنصار، وعاداتهم وطبائعهم وتحالفاتهم مختلفة. والمشكلة الثالثة الملحة كانت في أوضاع المهاجرين الاقتصادية وقد هاجروا وتركوا كل ما يملكون، وهم بطبيعتهم لا يجيدون إلا التجارة والرعي، ولا يعرفون الزراعة التي كان يعيش عليها أكثر أهل المدينة.
تعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع هذا الملف بحكمة بالغة، وأعطى كل مشكلة حقها من الرعاية والتدبير، وبما يناسبها من حلول عاجلة، أو حلول متأنية استغرقت سنوات عديدة. أمر المهاجرين ومعاناتهم المعيشية لم يكن ليحتمل الانتظار فآخى بين عدد منهم وبين أمثالهم من الأنصار (حوالي تسعين في مجملهم) في خطوة لم تعرفها البشرية من قبل، حيث آخى بينهم على المواساة، إلى درجة التوارث بعد الموت دون ذوي الأرحام (إلى غزوة بدر، حيث نسخ هذا برد التوارث إلى الرحم دون عقد الأخوة بقوله تعالى: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله).

لم تكن أحوال الأنصار من السعة بحيث يمكن تكليفهم بأكثر من ذلك، لكن ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى استثارة مشاعر المواساة والإكرام والإيثار فيهم بالترغيب الشديد وتقوية ثقتهم بما عند الله عز وجل وكان يقول لهم (اتقوا النار ولو بشق تمرة) ويقول (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) ويقول (طعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثمانية) ويقول (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ويقول (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)، ويقول (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) وغيرها كثير جدا. وكانت آيات القرآن تتنزل تترى تدفع في نفس الترغيب (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وقوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم) وغيرها كثير جدا. وقد تفاعل الأنصار مع هذه الحملة الإيمانية العظيمة، وقال بعضهم للنبى صلى الله عليه وسلم: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل. قال: لا، فقالوا: فتكفونا المؤنة ونشرككم في الثمرة. قالوا: سمعنا وأطعنا.

ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ميثاقا مكتوبا ينظم العلاقة بين المهاجرين والأنصار ويضع الضوابط الحاكمة في حال الخلاف والنزاع، وكانت هذه الوثيقة من 16 بندا (وهي بمصطلحنا المعاصر دستورا يضبط العلاقات بين أفراد الدولة الوليدة).

ثانيا المشركون:
وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ميزة كبيرة وعيبا خطيرا في مشركي يثرب. أما ميزتهم فإنهم لم تكن لديهم عداوة مستحكمة ضد الإسلام والمسلمين، ولم يكونوا في هذا يشبهون مشركي قريش الذين كانوا يدافعون عن سيادتهم الدينية وأوضاعهم الاقتصادية التي ملأتهم حنقا وبغضا للمسلمين. لذلك توجه لهم بالدعوة إلى الله، ورغب أصحابه في دعوتهم، وبالفعل لم تمض شهور حتى كان معظمهم قد دخل في الإسلام. وبقيت بقية التفوا حول عبد الله بن أبي بن سلول الذي كان على وشك أن تتوجه يثرب ملكا عليها، فلما قدم المسلمون انصرف عنه أهل يثرب من الأنصار، فكانت في حلقه غصة من الإسلام والمسلمين، وبه وبأنصاره بدأ أمر المنافقين في المدينة. وهذه فئة أخرى اعتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمواجهتها في مرحلة لاحقة عندما ظهرت وبدا شرها.
أما العيب الخطير الذي كان في مشركي يثرب، فكان ولاؤهم الديني لكفار قريش، إذ كانت عواطفهم الدينية خاضعة لهم، وهذا يعني امتثالهم لأوامر قريش إن أمروهم بشرٍ تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء المشركون كانوا يسكنون ملاصقين للمسلمين، فضلا عن قبائل كانت تحيط بالمدينة، وكانوا يمثلون خطرا محدقا إن فكرت قريش في استخدامهم. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحسب لهذا الخطر المحيط، وكان ينام تحت الحراسة، وكان أصحابه في السنة الأولى للهجرة يبيتون في السلاح، حتى قال قائلهم "الدهر كله هكذا ؟!". وقد واجه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الخطر الماثل، بتسيير دوريات استطلاع واستكشاف حول المدينة من أجل تأمين حزام المدينة والطريق الرئيس المؤدي إليها. وفي سبيل ذلك بث العيون وأرسل السرايا المختلفة في طلعات متتابعة، وخرج هو بنفسه في عدة غزوات خاطفة لنفس الغرض، ولتثبيت هيبة المسلمين في نفوس اليهود والمشركين، وليرسل رسالة إلى قريش مفادها أن المسلمين لن يكونوا لقمة سائغة، إذا ما فكرت قريش في العدوان. وبالإضافة إلى ذلك عقد عدة معاهدات عدم اعتداء، أو معاهدات دفاع مشترك مع العديد من القبائل التي تحيط بالمدينة.

ثالثا: اليهود
كانت أشهر قبائل اليهود: قينقاع (وسكنوا المدينة) وخيبر وبنو النضير وقريظة (وسكنوا ضواحي المدينة). وكان اليهود لطول مكثهم بالمدينة وضواحيها قد اصطبغوا بالصبغة العربية في بعض عاداتهم، ولكنهم لم يندمجوا أبدا مع العرب نظرا لكبرهم وتعاليهم العنصري. وقد أسروا العداوة للإسلام والمسلمين من أول يوم قدم فيه المسلمون إلى المدينة، ورأوا فيهم تهديدا حقيقيا لمصالحهم، ولتلاعبهم الدائم بعرب المدينة وإشعالهم المستمر للحروب بينهم. ولكن اليهود آثروا كتمان هذه العداوة ومداهنة المسلمين ريثما يتدبروا أمرهم وينظروا كيف يكيدون لهم. ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أظهروه من المسالمة والموادعة، عاهدهم بوثيقة تاريخية (وثيقة المدينة) تضع أطر التعايش السلمي بين المسلمين واليهود في مدينة واحدة، وهو حدث لم تعرفه البشرية من قبل، إذ كان عهدها ألا يجتمع دينان أو عصبيتان في بلد واحد دون أن يُقصي أحدهما الآخر ويدمره ويقضي عليه.
هذه الوثيقة التاريخية تكونت من 12 بندا، تمت صياغتها بدقة شديدة تكفل حفظ الحقوق المتبادلة، والدفاع المشترك ضد العدو الخارجي، وعدم التحالف مع أعداء أي من الطائفتين، وأن تكون الشئون المالية مستقلة لكل طائفة. وقد أعطت هذه المعاهدة متنفسا للمسلمين يؤمنون به ظهورهم، بحيث لا يضطرون لمواجهات متزامنة على عدة جبهات. إن تأمين جبهة اليهود أراح الدولة الناشئة في أحرج أوقاتها في السنة الأولى للهجرة ومكنها من متابعة الملفين الآخرين دون أن تتشتت جهود المسلمين.

لا أبالغ إذا قلت إن حال مصر الآن يشبه إلى حد كبير حال المسلمين في أول عهدهم بالمدينة. مصر الآن تعيش نقلة كبيرة بعد قرون من ضعف الأمة الإسلامية، وبعد تنحية الشريعة لعقود طويلة. لقد عانت مصر طوال قرن كامل – على أقل تقدير – من سيطرة النخبة العلمانية التي هيمنت على مفاصل الدولة، وتحكمت في كل منابر التأثير. مصر الآن تتشابك على أرضها مصالح معقدة وارتباطات إقليمية ودولية لا يمكن إغفالها. إن درس السيرة النبوية المطهرة في تلك الفترة العصيبة يمكن استنباط الفوائد التالية المباشرة منه:
• وجوب التمييز والفرز لمكونات المشهد السياسي ووضع الخطط الاستراتيجية والآنية للتعامل معها كلٌ بحسبه.
• البدء بالمشاكل الأكثر إلحاحا والتي لا تحتمل الانتظار.
• إلهاب حماسة المؤمنين ودوام بث الثقة في ما عند الله تعالى في نفوسهم.
• عدم الدخول في مواجهات على كل الجبهات في آن واحد، وتحييد ما أمكن تحييده حتى لا تتبعثر قوانا وإمكانياتنا المحدودة.
• الاهتمام بالجانب الإعلامي لتأثيره البالغ في النفوس، فقد كانت طلعات المسلمين المتتابعة لتأمين محيط المدينة والطريق الرئيس المؤدي إليها يلقي الهيبة في نفوس الآخرين، وقد أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرية استطلاعية صغيرة إلى بطن نخلة في عقر دار مشركي قريش (على بعد 500 كيلو متر من المدينة) مما كان له أبلغ الأثر في إظهار قوة المسلمين وثقتهم.
• الأخذ بكل الأسباب المتاحة وعدم التهاون فيها، وأخذ الحيطة والحذر من كل احتمالات ولو بعيدة، وعدم الركون إلى ظن "التمكين أو التمكين الجزئي"، وإشاعة هذه الروح في كل الغيورين على مصالح البلاد. وتأمل قول عائشة رضي الله عنها (مع صغر سنها آنذاك) وهي تروي (كما في الصحيحين) تقول: سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مقدمَه المدينةَ ، ليلة . فقال "ليت رجلًا صالحًا من أصحابي يحرسُني الليلةَ " قالت : فبينا نحن كذلك سمعنا خشخشةَ سلاح . فقال " من هذا ؟ " قال : سعدُ بن أبي وقاص . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما جاء بك ؟" قال: وقع في نفسي خوفٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئتُ أحرسُه . فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نام. فحالة الحذر والترقب والحيطة كانت عامة.

إن مصر دولة ضخمة وقيمة كبيرة في هذا العالم، ولا يمكن تصور التصدي لهذا الركام الضخم الموروث من عهود الاستبداد والضعف، بفريق محدود، أو بخبرات محدودة. إن الأمر أعظم من ذلك، وأخطر من ذلك. الأمر يستوجب فريق عمل لكل مُكوِّن على حده، بحيث يتخصص ويركز على أفضل السبل للتعامل وحل الإشكاليات الملحة والبعيدة المدى، وبحيث تنتظم كل هذه الفرق تحت رؤية سياسية كاملة.
إن فرق العمل المقترحة ستكون لها أبعاد مختلفة. بعد سكاني، فريق يختص بسكان الصعيد، وآخر لسكان مدن القناة، وغيره للمدن كثيفة السكان والمدن النائية .. وهكذا. وبعد سياسي، للتعامل مع التيارات الإسلامية والليبرالية والقومية والائتلافات الشبابية والمجموعات الصغيرة على حواف المشهد السياسي. ثم بعد موضوعي للمشاكل الأمنية والاقتصادية والعلاقات الخارجية والعدالة الاجتماعية والخطاب الديني .. إلخ. ثم فريق للرصد والبحث ودعم اتخاذ القرار، وفريق أخير لرسم هذه الاستراتيجيات وتسكينها في هيكل المؤسسة. مؤسسة الرئاسة ينبغي أن تكون أهم مؤسسات الدولة على الإطلاق، وأن يكون بناؤها من الصلابة والتماسك والتناغم بحيث يمثل قاطرة التنمية والانطلاق للمستقبل.

إن استصحاب السنن النبوية المطهرة وسنن الخلافة الراشدة في كل شئون الحكم والسياسة فرض شرعي وضرورة لا غنى عنها لاستمطار رحمة الله وطلب نصرته وتأييده.

د. محمد هشام راغب
https://www.facebook.com/Dr.M.Hesham.Ragheb

خمس مغالطات متعمدة للأسواني لتشويه أحكام الشريعة الإسلامية


تركت معركة الدستور الجديد جروحا غائرة في المشهد السياسي جعلت حالة الاستقطاب السياسي أكثر حدة ومرارة. ولقد رأينا خصوم التيار الإسلامي قد هبوا بقضهم وقضيضهم في حملة شرسة استخدمت الآلة الإعلامية الضخمة والأموال الهائلة وتحالفت مع رموز وأركان نظام مبارك فضلا عن الاستعانة بقوى إقليمية وخارجية. ولعل أخطر الآثار التي خلفتها معركة الدستور كانت الآثار الفكرية، ولقد أدهشني أن أسمع من العديد من الشباب أن شبهات قوية قد علقت بعقولهم وقلوبهم، ليس فقط فيما يخص التيار الإسلامي، ولكن في اهتزاز ثقتهم في الشريعة الإسلامية نفسها. لقد وجدت أن شبهات كثيرة أثارها مقال وبرنامج تليفزيوني للأديب الدكتور علاء الأسواني، ورأيت شبابا وإعلاميين يكررون مقالته وكأنها حقائق ثابتة، فوجدت لزاما أن يتم تفنيدها ومناقشتها. 

نشر الدكتور الأسواني مقاله في 20 نوفمبر 2012 بجريدة المصري اليوم والسفير اللبنانية وموقع فضائية العربية وعشرات المواقع والصحف الإليكترونية بنفس التاريخ تحت عنوان (قبل أن تقطعوا أيدينا)، وقد قال في مقدمة المقال خلاصة فكرته ما نصه:

«هل أنت مسلم؟! إذا كنت مسلما لماذا تعارض تطبيق شرع الله؟! إن من يرفضون تطبيق الشريعة ليبراليون وشيوعيون، عملاء الغرب وأعداء الإسلام، فهل أنت منهم؟!».. هذه الأسئلة هى التى يتوجه بها الإخوان والسلفيون إلى الناس (خصوصا البسطاء منهم) لكى يؤثروا فى عواطفهم الدينية ويحشدوهم فى مظاهرات ويدفعوهم إلى اتخاذ المواقف التى تحقق المكاسب السياسية لجماعات الإسلام السياسي.. والحق أن هذه الطريقة فى مناقشة الشريعة غير أمينة، إذ إن أي مسلم قطعا يحب أن يطبق شريعة الإسلام. لكن يجب أولا أن نشرح للناس الفرق بين الشريعة والفقه. الشريعة هى المبادئ الثابتة التى أنزلها الله علينا. الفقه هو العلم الذى يمكّننا من فهم الشريعة وتطبيقها على حياتنا اليومية. الشريعة إلهية ثابتة لا تتغير أبدا، لكن الفقه إنجاز بشرى يتغير بتغير الزمان والمكان. شريعة الإسلام بالتأكيد تدعو إلى الحق والخير والعدل والمساواة. إن ما يدعو الإخوان والسلفيون إلى تطبيقه ليس مبادئ الشريعة التى أنزلها الله، وإنما أحكام فقهية كتبها بشر مثلنا، يصيبون ويخطئون، وكثير من هذه الأحكام كانت مناسبة للمجتمع فى القرن العاشر لكنها لم تعد ملائمة للمجتمع فى القرن الحادى والعشرين. إن الإخوان والسلفيين يسيطرون على لجنة كتابة الدستور من أجل تطبيق الأحكام الفقهية القديمة بأى وسيلة. بعد أن اتفق الليبراليون والأقباط والإسلاميون على المادة الثانية التى تؤكد أن مبادئ الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع.. عاد الإخوان والسلفيون ووضعوا مادة فى مسودة الدستور تقول:
«مبادئ الشريعة تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة».

هذه المادة ببساطة تحيل مبادئ الشريعة إلى الأحكام الفقهية وتدفع بمصر إلى خطر محقق. ولقد بحثت عن أحد المصادر المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة فلم أجد خيرا من كتاب «فقه السنة» للمرحوم الشيخ سيد سابق «1915 - 2000». «صادر عن دار الفتح للإعلام العربى فى ثلاثة أجزاء». هذا الكتاب باعتراف الجميع من أهم كتب الفقه وأرفعها مكانة، أضف إلى ذلك أن الشيخ سيد سابق كان من القيادات التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين، حتى إن كتاب فقه السنة قد صدر بمقدمة كتبها المرحوم الشيخ حسن البنا (مؤسس جماعة الإخوان المسلمين) أشاد فيها بالكتاب واعتبره إنجازا عظيما يستحق به مؤلفه ثوابا من الله. فلا يستطيع أحد من الإخوان أو السلفيين أن يجرح فى كتاب «فقه السنة»... عرض الشيخ سيد سابق فى كتابه لمذهب الجمهور من أهل السنة والجماعة فى شتى نواحى الحياة. أعتذر هنا لأننى سوف أستعمل كلمة كافر للإشارة إلى المواطن القبطى، فهكذا فعل معظم الفقهاء، وهكذا فعل الشيخ سيد سابق نفسه".

ثم مضى الكاتب ليذكر خمسة أمثلة للتدليل على رأيه، وختم مقاله بحكم خطير قال فيه:
"هذه بعض نماذج من أحكام فقهية، يريد الإخوان والسلفيون أن يطبقوها فى مصر. وكلها من صنع فقهاء عاشوا واجتهدوا لاستنباط هذه الأحكام لتوافق المجتمعات القديمة، لكنها لو طبقت اليوم فى مصر لقضت على المجتمع قضاء مبرما لا رجعة فيه ولقامت فى مصر حرب أهلية أو لتم تقسيم مصر بين المسلمين والأقباط كما حدث فى السودان .... يجب أن يجتهد فقهاؤنا أولا من أجل استنباط أحكام فقهية جديدة تناسب عصرنا الحديث، أما أن نتعسف فى الدين وعلى أنفسنا، ونطبق أحكاما فقهية قديمة، فنحن نسعى بذلك إلى تمزيق المجتمع وتدمير بلادنا وندفع مصر إلى الوراء عدة قرون.. فيا أيها المتطرفون المتلهفون على قطع الأيدى والرجم والجلد.. أتمنى أن تراجعوا أنفسكم وتفكروا مرة واحدة فى أن تطبيق الشريعة هدفنا جميعا، لكن الأحكام الفقهية القديمة لم تعد تناسب العصر الذى نعيش فيه. إنكم بتطرفكم وجمود أفكاركم تسيئون للإسلام وتدفعون بنا إلى كارثة محققة، وواجبنا، مسلمين وأقباطا، أن نمنعكم من ذلك. وسوف نمنعكم بإذن الله ونحمى بلادنا من تطرفكم. لن نعترف بالدستور المشوه الذى تفرضونه على المصريين. الثورة مستمرة حتى تتحقق الدولة المدنية الحديثة. سوف نتقدم نحو المستقبل ولن نعود أبدا إلى ظلام الماضى. الديمقراطية هى الحل" اهـ.

إن أهمية مناقشة هذه الدعاوى ترجع إلى أن كلام الدكتور الأسواني استند إلى معلومات محددة، وبنى عليها أحكاما تم تداولها على نطاق واسع، وهي أحكام تثير مخاوف وذعرا اجتماعيا شديدا وتحدث فتنة عظيمة بين شركاء الوطن، حتى قال عن بعض الأحكام الفقهية (لو طبقت اليوم فى مصر لقضت على المجتمع قضاء مبرما لا رجعة فيه ولقامت فى مصر حرب أهلية أو لتم تقسيم مصر بين المسلمين والأقباط كما حدث فى السودان).

اقتصرت في بحثي على الحكم على دقة المعلومات التي أوردها الكاتب، ولم أتطرق لمواقفه السياسية التي هاجم فيها الإخوان والسلفيين بقسوة ورماهم بتهم جارفة في أفعالهم ونواياهم. وقد استفدت واقتبست من مقال دعوي وشرعي بديع لفضيلة الدكتور/ صلاح الصاوي حول نفس الموضوع. هذا، وقد اعتمدت في حكمي على كلام الدكتور الأسواني على مصدرين أساسيين:
الأول: نفس الكتاب الذي اتخذه الدكتور الأسواني مرجعا له، وهو كتب "فقه السنة"، بالرغم من أن اختيار الكتاب لم يكن موفقا لموضوع البحث، لأنه كتاب وضع لعوام المسلمين، وليس مصدرا لتقنين الشريعة التي تتصدر لها لجان ومجالس وخبراء وفقهاء ومجامع علمية فقهية.
الثاني: الاجتهادات الفقهية الحديثة في تقنين الشريعة الإسلامية، وهي بالضبط ما طالب به الدكتور الأسواني بديلا – من وجهة نظره – لاجتهادات الفقهاء القدامى حيث قال (إذا أردنا أن نطبق الشريعة الإسلامية بشكل صحيح، يجب أن يجتهد فقهاؤنا أولا من أجل استنباط أحكام فقهية جديدة تناسب عصرنا الحديث)، ولم أجد أفضل من مشروع تقنين الشريعة الإسلامية الذي تم تقديمه بالفعل لمجلس الشعب المصري في منتصف سنة 1982م بعد الانتهاء من إعداد خمسة مشروعات قوانين طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وهي:
- مشروع قانون المعاملات المدنية (1136 مادة).
- مشروع قانون إجراءات التقاضي والإثبات (181مادة).
- مشروع قانون العقوبات (630 مادة).
- مشروع قانون التجارة (776 مادة).
- مشروع قانون التجارة البحرية (443 مادة).
وقد وافق مجلس الشعب بجلسة 1/7/1982م على تقارير اللجان الخمس التي اختصت كل لجنة منها بأحد تلك القوانين الخمسة، وذلك بعد أن اكتملت صياغتها تمهيداً على عرضها على المجلس آنذاك. وقد استغرقت تلك اللجان أكثر من ستين شهرا في إعداد تلك القوانين، وقامت عليها كوكبة كبيرة من خيرة الفقهاء والعلماء والقانونيين والدستوريين ورموز السياسة والاجتماع (مرفق قائمة بأسمائهم في ملحق أ من هذا البحث).

أفند هنا الأمثلة في النماذج الخمسة التي ساقها الدكتور الأسواني بنفس ترتيبها:

النموذج الأول: كان في شهادة غير المسلم على المسلم، وضرب لها الدكتور مثلا مثيرا ليصل إلى نتيجة مغلوطة فقال "إذا افترضنا أن لصاً مسلماً سرق صيدلية مملوكة لصيدلى قبطى.. فى هذه الحالة إذا كان الشهود على واقعة السرقة أقباطا فإنه لا تجوز شهادتهم لأن رأى جمهور الفقهاء يؤكد أنه لا تقبل شهادة غير المسلم على المسلم... نستطيع أن نتخيل الفوضى التى سوف يحدثها هذا الحكم الفقهى إذا طبق فى مصر.. سيكون بإمكان أى مسلم أن يعتدى على أملاك الأقباط وكنائسهم وهو مطمئن إلى أن كل الذين سيشهدون على ارتكابه الجريمة من الأقباط الكفار، وطبقا لرأى جمهور الفقهاء، لا يجوز قبول شهاداتهم على المسلم حتى لو ارتكب جريمة" اهـ.
ولو أكمل الدكتور الأسواني النص الذي اقتبسه سيرى أن هذه الاجتهادات الفقهية لا تقبل أيضا شهادات كثير من المسلمين، لأن الشهادة في القضاء لها قيمة كبرى، ونحن نعاني جميعا في مصر الآن من شهادات الزور، والمقاهي التي تحيط بالمحاكم ممتلئة بالمزورين الذين على استعداد تام وفوري للشهادة في أي قضية، وهم عملاء دائمون عند كثير من المحامين هداهم الله. يقول كتاب فقه السنة في باقي شروط الشهادة:
"والعدالة صفة زائدة عن الاسلام ويجب توافرها في الشهود بحيث يغلب خيرهم شرهم، ولم يجرب عليهم اعتياد الكذب لقول الله تعالى: "وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله" ، وقوله تعالى "ممن ترضون من الشهداء". وقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا"، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في رواية أبي داود: لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا زان ولا زانية"، فلا تقبل شهادة الفاسق ولا من اشتهر بالكذب أو بسوء الحال وفساد الاخلاق هذا هو المختار في معنى العدالة. أما الفقهاء فقالوا: إنها مقيدة بالصلاح في الدين وبالاتصاف بالمروءة. أما الصلاح في الدين فيتم بأداء الفرائض والنوافل واجتناب المحرمات والمكروهات وعدم ارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة. أما المروءة فهي أن يفعل الانسان ما يزينه ويترك ما يشينه من الأقوال والأفعال. واتفق الفقهاء على قبول شهادة الفاسق إذا تاب. إلا أن الامام أبا حنيفة قال: إذا كان فسقه بسبب القذف في حق الغير فإن شهادته لا تقبل. ومن شروط قبول الشهادة: الحفظ والضبط: فلا تقبل شهادة من عرف بسوء الحفظ وكثرة السهو والغلط لفقد الثقة بكلامه، ويلحق به المغفل ومن على شاكلته. ولا تقبل شهادة المتهم بسبب المحبة أو العداوة".

فهذا تمام النص من الكتاب وهو يضيق كما ترى الشهادة على قطاعات كبيرة من المسلمين أيضا، علما بأن العدالة تتحقق بوسائل كثيرة غير الشهادات كما هو معلوم ومشاهد. والقضاة في كل زمان ومكان كثيرا ما يعتمدون في أحكامهم على القرائن القضائية، وكثيرا ما تكون أقوى من الشهادة ، وهذا هو ابن القيم قبل ما يزيد على سبعمائة عام يقول (ولم تزل الأئمة والخلفاء يحكمون بالقطع إذا وجد المال المسروق مع المتهم، وهذه القرينة أقوى من البينة والإقرار ، فإنهما خبران يتطرق إليهما الصدق والكذب ، ووجود المال معه نص صريح لا يتطرق إليه شبهة).
والمقصود أن باب استخراج الحقوق لا يختزل في باب الشهادات وحدها، فقد يحكم القاضي بالوثائق الكتابية، وبالقرائن القضائية، وبتحليلات البصمة الوراثية، وبما يرفع من البصمات في موضع الجريمة، وغير ذلك مما تستخرج به الحقوق، فلن يضيع حق لأحد من غير المسلمين في دار الإسلام، وقد قال نبي الإسلام من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه يوم القيامة!.
وهب أنه لم توجد قرائن، ولم يكن في الباب إلا شهادة غير المسلمين، فإن على القاضي متى وثق بها أن يبني حكمه عليها لئلا تضيع الحقوق، وتخفر ذمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في أهل ذمته! وقد نقل ابن القيم عن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمهما الله تعالى - أنه قال: "إن ما نقل عن الإمام أحمد من تقليل جواز هذه الشهادة ، وقبولها للضرورة يدل على جوازها، وقبولها في كل ضرورة حضرًا وسفرا؛ وأنه لو قيل: تقبل شهادتهم مع أيمانهم في كل شيء عُدِم فيه المسلمون ؛ لكان له وجه، وتكون بدلا مطلقًا".
وفي مشروع تقنين الشريعة تبنى الفقهاء هذا الرأي الأخير ورأوا الضرورة في قبول شهادة غير المسلمين، وهذا نص المادة 27 في إجراءات التقاضي وقواعد المرافعات:
" مادة 27
1 – يشترط فى الشاهد ان يكون أهلا لأداء الشهادة.
2 - و يكون أهلا لأداء الشهادة من كان بالغا خمس عشرة سنة ، عاقلا ، حافظا ، عادلا.
3 – يجوز أن تسمع اقوال من لم يبلغ خمسة عشر سنة بغير يمين وعلى سبيل الاستدلال.


النموذج الثاني:
عن إقامة حد شرب الخمر على غير المسلمين، حيث قال " شرب الخمر محرم على المسلمين وعقوبته الجلد ثمانين جلدة «بعض الفقهاء قالوا أربعين جلدة فقط».. هذا الحكم معروف إلا أن الفقهاء يذهبون إلى وجوب تطبيق حد الخمر على غير المسلمين أيضا.. يكتب الشيخ سابق «الجزء الثانى صفحة 493» «لا يشترط الإسلام فى تطبيق حد الخمر، فالكتابيون الذين يتجنسون بجنسية الدولة المسلمة.. مثل الأقباط فى مصر.. وكذلك الكتابيون الذين يقيمون مع المسلمين (مؤقتا) مثل الأجانب.. هؤلاء يقام عليهم الحد إذا شربوا الخمر فى دار الإسلام...».
لنا أن نتخيل ماذا سيحدث إذا طبقنا هذا الحكم.. فالقبطى الذى يشرب البيرة سوف يقبض عليه ويجلد ثمانين جلدة. هل لنا أن نتفاءل بمستقبل السياحة فى مصر؟! عندما ندعو السائح الأوروبى أو الأمريكى لزيارة مصر يجب أن نحذره لأنه لو أحضر زجاجة نبيذ معه إلى مصر وشرب منها مع الأكل مثلما يفعل فى بلاده قد يقبض عليه ويجرد من ثيابه ويتم جلده وفقا لهذا الحكم الفقهى. كم من الأجانب على استعداد لخوض هذه المخاطرة من أجل قضاء إجازتهم فى مصر؟!" اهـ.

وهنا أيضا تعمد الدكتور الأسواني بتر الكلام الوارد في كتاب فقه السنة لأنه ببساطة يهدم ما أراده، ولو أكمل الدكتور الأسواني النص الذي أشار إليه من نفس الكتاب لتغيرت الصورة، حيث يقول الشيخ السيد سابق في الفقرة التالية مباشرة:
"ولكن الاحناف - رضي الله عنهم - رأوا أن الخمر، وإن كانت غير مال عند المسلمين لتحريم الاسلام لها، إلا أنها مال له قيمة عند أهل الكتاب، وأن من أهرقها من المسلمين يضمن قيمتها لصاحبها، وإن شربها مباح عندهم. وإننا أمرنا بتركهم وما يدينون. وعلى هذا فلا عقوبة على من يشربها من الكتابيين. وعلى فرض تحريمها في كتبهم، فإننا نتركهم، لانهم لا يدينون بهذا التحريم، ومعاملتنا لهم تكون بمقتضى ما يعتقدون، لا بمقتضي الحق من حيث هو".
وبالإضافة إلى ما ورد في فقه السنة، فإنه من المعلوم عند الشافعية أنه لا يحد غير المسلم بشرب خمر لقوة أدلة حله في عقيدتهم، وعند الحنابلة أن ما كان غير المسلم يعتقد إباحته من الأفعال المحرمة فلا يحد به، ونص قولهم (إذا رفع إلى الحاكم من أهل الذمة من فعل محرما يوجب عقوبة مما هو محرم عليهم في دينهم كالزنى والسرقة والقذف والقتل فعليه إقامة حده عليه، لما روى ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بيهوديين فجرا بعد إحصانهما فأمر بهما فرجما ـ وإن كان يعتقد إباحته كشرب خمر لم يحد! ) وقد نص أحمد على أنه لا يقام حد الزنى على المستأمن، أي الضيف الوافد على بلاد الإسلام!. وقد جعل كثير من أهل العلم الخمر والخنزير في يد اليهود والنصارى مالا متقوما محترما، يصح التعاقد عليه فيما بينهم، ويضمنه من أتلفه، بينما هو في يد المسلم هدر، ولا يضمن متلفه شيئا، حتى قال القرافي وغيره من أهل العلم إن عقدهم على الخمر والخنزير كعقدنا على العصير والشاه!.

هذا ولا تعارض بين عدم إقامة الحد على غير المسلم إذا شرب الخمر وبين اللوائح والقوانين المنظمة لهذه المسائل، والتي تنبه على أضرارها وتحذر من تعاطيها رعاية للصحة العامة، وحفاظا على النظام العام والآداب، ففي الولايات المتحدة الأمريكية يمنع منعا باتا تعاطي الخمر في الأماكن العامة، ويمنع منعا باتا من اشترى خمرا أن يخرج مستعلنا بها كما يستعلن بشرب الماء والعصائر ونحوه، بل يجب أن يضعها داخل لفافة من ورق تخفيها، ولعل الولايات المتحدة أكبر مستهلك للخمر على مستوى العالم!


النموذج الثالث:
التفريق بين المسلمين وغيرهم في حد القذف، وفيه كتب الأسواني " القذف هو الاتهام بالزنى والخوض فى الأعراض بالسوء.. هذه جريمة فى الفقه الإسلامى وعقوبتها الجلد ثمانين جلدة، لكن الغريب أن جمهور الفقهاء اعتبروا إسلام المجنى عليه شرطا أساسيا لإقامة الحد على من قذف فى حقه.. من يستطيع أن يتحدث بعد ذلك عن حقوق المواطنة والمساواة أمام القانون. إذا سب القبطى المسلم يتم جلده ثمانين جلدة، وإذا سب المسلم القبطى لا يجوز جلده. وكأن الكرامة الإنسانية حكر على المسلمين فقط، أما الأقباط فهم مخلوقات بلا عرض ولا كرامة" اهـ.

إن حد القذف ذكره القرآن الكريم وحدده في الذين (يقذفون المحصنات الغافلات المؤمنات) ولذلك اشترط فقهاء الإسلام في المقذوف شروطا منها الإسلام، لكن هذا لا يعني إهدار حرمة غير المسلم في دار الإسلام، فالأصل أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا، بل تقام علي قاذفه من المسلمين العقوبة الزاجرة، وقد تكون مساوية للعقوبة في حالة قذف المسلم لمسلم مثله، وقد تكون أشد منها عند الاقتضاء! والفرق أن العقوبة تقام في حالة قذف المسلم حدا، وفي حالة قذف الذمي تقام تعزيرا، والنتيجة في النهاية واحدة. والقاضي حين يقدر هذه العقوبة التعزيرية يستأنس بالقواعد العامة في حفظ حقوق الناس ومراعاتها، وسيجد مثلا أن الشريعة جاءت بتحريم غيبة غير المسلم سواء أكان متوطنا في دولة الإسلام أم كان ضيفا وافدا، وجعلتها في أصل التحريم كغيبة المسلم، لأنه بعهده وأمانه يحرم عرضه كحرمة عرض المسلم، فإن لهم ما لنا وعليهم ما علينا، فالغيبة محرمة سواء كانت في حق المسلم أو حق الكافر إذا كان ذمياً، أما إذا كان محارباً، فتجوز بشرط ألا يقول المغتاب إلا حقا، وقد سئل ابن وهب تلميذ الإمام مالك عن غيبة النصارى فقال: أوليسوا هم من الناس ؟ قال السائل: بلى ، قال: فإن الله تعالى يقول (وقولوا للناس حسناً). ولا شك أن القذف أشد وأنكى من الغيبة.
وقد جاء في الباب الرابع من قانون العقوبات في مشروع تقنين الشريعة ما يزيل كل هذه الأوهام والظنون، ونصه:
"حد القذف
مادة 145- القذف المعاقب عليه حدا هو الرمي بالزنا أو بنفي النسب بتعبير صريح قولا أو كتابة.
مادة 146- يشترط فى القاذف أن يكون بالغا عاقلا مختارا ، وألا يكون أصلا للمقذوف من جهة الأب أو الأم.
مادة 147- يشترط فى المقذوف أن يكون بالغا عاقلا معينا محصنا ، ويقصد بالإحصان العفة وهى البعد عن الزنا ظاهرا.
مادة 148- لا يجوز رفع الدعوى إلا بناء على شكوى بطلب إقامة الحد ، شفهية أو كتابية إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي من المقذوف أو وكيله الخاص أو أحد الورثة – عن غير طريق الزوجية – إذا كان المقذوف ميتا. وترفع الدعوى من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه لإحالتها إلى محكمة الجنايات مباشرة.
مادة 149- لا تسمع الدعوى بطلب إقامة حد القذف بعد مضى ستة أشهر من يوم علم المقذوف بالجريمة وبمرتكبها وتمكنه من الشكوى.


النموذج الرابع:
تعلق بدية القتل الخطأ للرجل والمرأة من غير المسلمين، ورأى فيها الدكتور الأسواني أنها مخالفة للمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، فقال "الدية غرامة مالية على من ارتكب القتل الخطأ أو شبه العمد.. لكن هذه الدية، طبقا لرأى جمهور الفقهاء، تختلف باختلاف الجنس والدين.. دية المرأة المسلمة المقتولة نصف دية الرجل المسلم المقتول ودية القبطى المقتول نصف دية الرجل المسلم المقتول، أما دية المرأة القبطية المقتولة فتبلغ نصف دية المرأة المسلمة المقتولة «أى ربع دية الرجل المسلم المقتول».. هذا حكم جمهور الفقهاء كما يؤكد الشيخ سابق فى كتابه «الجزء الثالث صفحة 60 و61».. ونحن إذا طبقنا هذا الحكم الفقهى نكون قد اعترفنا بأن الحياة الإنسانية ليس لها القيمة ذاتها عند الناس جميعا، فحياة الرجل المسلم أغلى من حياة المرأة المسلمة، وحياة القبطى أرخص من حياة المسلم، وحياة المرأة القبطية أرخص من الجميع (لأن بها العيبين فهى امرأة وقبطية). هل يمكن قبول هذا المفهوم ونحن فى القرن الواحد والعشرين..وهل تتحمل الدولة المصرية العقوبات الدولية التى ستنهال عليها إذا طبقت هذا الحكم الذى يخالف كل معاهدات حقوق الإنسان التى وقعت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة؟!" اهـ.

وهنا نجد الدكتور الأسواني قد أغفل مرة أخرى باقي كلام "فقه السنة" وفيه رأي آخر قوي متوجه قال به كثير من أهل العلم، بل وقال به الخلفاء الراشدون الأربعة كلهم، حيث قال في فقرة تالية ما نصه:
" وذهب أبو حنيفة، والثوري، وهو المروي عن عمر، وعثمان، وابن مسعود رضي الله عنهم، إلى أن ديتهم مثل دية المسلمين، لقول الله تعالى: " وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق، فدية مسلمة إلى أهله، وتحرير رقبة مؤمنة ". قال الزهري: " دية اليهودي، والنصراني، وكل ذمي مثل دية المسلم".
قال: وكانت كذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم،... ثم قضى عمر بن عبد العزيز بنصف الدية، قال الزهري: فلم يقض لي أن أذكر بذلك عمر بن عبد العزيز، فأخبره أن الدية كانت تامة لأهل الذمة".

ومن بديهيات الفقه الإسلامي أن كون دية المرأة على النصف من دية الرجل ليس تقليلا لشأنها، ولكن لأن الدية لا تدفع ثمنا للمقتول، بل تدفع تعويضا لأهل المقتول عما لحقهم من ضرر. والمسألة ينظر إليها من خلال المنظومة الإسلامية ككل، وفيها أن الرجل هو المسئول عن نفقات وحوائج الأسرة حتى ولو كانت زوجته غنية، فهو العائل للأسرة والمكلف بالقيام بأعبائها، ولذلك فإن الضرر المادي في فقد الرجل أعظم منه في فقد المرأة، وبناء عليه جعلت ديتها على النصف منه في قتل الخطأ؛ وأما العمد ففيه القصاص بين الرجال والنساء، ولو كان المقتول امرأة أو طفلا رضيعا، إلا أن يعفو أهل المقتول، ويجب على القاتل خطأ من الكفارة في قتل المرأة ما يجب عليه في قتل الرجل وهو صيام شهرين متتابعين ولا فرق، بل ذهب بعض أهل العلم إلى التسوية بين الرجل والمرأة في الديات، وقالوا إنه ليس في التفرقة بينهما نص صحيح يعول عليه، وإنما هي آثار منقولة عن الصحابة ، وأقوالهم - على جلالة قدرهم يؤخذ منها ويرد- والعصمة للوحيين قرآنا وسنة صحيحة.
وأنقل هنا نص الفصل الخامس من الباب الرابع في قانون العقوبات من مشروع تقنين الشريعة، ونصه كالتالي:
"فى الدية
مادة 212- دية المقتول ذكرا أو أنثى مسلما أو غير مسلم أربعة ألاف ومائتان وخمسون جراما من الذهب الخالص ، ويقوم جرام الذهب بالسعر المحدد وقت ارتكاب الجريمة من مصلحة دمغ المصوغات والموازين.
ولا تتعدد الدية بتعدد الجناة وتقسم عليهم بالتساوى وتثبت الدية ابتداء للمجنى عليه ثم تنتقل لورثته ويحفظ للغائب نصيبه فى بيت المال (الخزانة العامة) وإذا لم يكن للمجني عليه وارث ألت الدية إلى بيت المال.
وفى جرائم الخطأ إذا ساهم المجنى عليه فى الخطأ الذى تسبب فى قتله تقسم الدية بين الجانى أو الجناه وبين المجنى عليه بالتساوى بقدر عددهم ويقتطع من الدية ما يقابل حصة المجنى عليه فيها.
ويجري هذا الحكم فى حالة تعدد المساهمين فى الخطأ.
مادة 213- تجب الدية على الجانى فى القتل العمد وشبه العمد كما تجب عليه فى القتل الخطأ إذا كان قد تصالح مع اولياء الدم أو كان القتل الخطأ ثابتا بإقراره ولم تصدقه العاقلة أو كان ما يتحمله الجانى من الدية دون ثبتها.


النموذج الخامس والأخير:
في القصاص في دماء غير المسلمين، كتب الأسواني " فى جريمة القتل يجب تطبيق القصاص على القاتل وبالتالى ينفذ فيه حكم الإعدام.. إلا أن من شروط القصاص أن يكون المقتول مسلما، أما إذا كان المقتول كافرا قبطيا، فإن القاتل لا يطبق عليه القصاص.. يقول الشيخ سابق «فى الجزء الثالث صفحة 25».

«من شروط القصاص أن يكون المقتول مكافئا للقاتل حال جنايته، بأن يساويه فى الدين والحرية، فلا قصاص على مسلم قتل كافرا أو حر قتل عبدا، لأنه لا تكافؤ بين القاتل والمقتول.. بخلاف ما إذا قتل الكافر مسلما أو قتل العبد حرا فإنه يقتص منهما»..

بعض الفقهاء خالفوا هذا الرأى، لكن الرأى الغالب عند جمهور الفقهاء من أهل السنة والجماعة أن المسلم لا يقتل بغير المسلم، ولو أننا طبقنا هذا الحكم الفقهى فإن المصرى المسلم إذا قتل قبطيا بالرصاص أو ضربه حتى مات، لا يجوز فى هذه الحالة إعدام القاتل المسلم، لأن القاعدة أنه لا يقتل المسلم إذا قتل غير المسلم.. ماذا تكون حالة المجتمع إذا تم تطبيق هذا الحكم الفقهى، وكيف ندعى بعد ذلك أننا نعيش فى دولة يتساوى فيها المواطنون إذا كان المسلم لا يجوز إعدامه إذا قتل قبطيا، بينما يعدم القبطى إذا قتل مسلما؟!" اهـ.
وقد ارتكب فيها الدكتور الأسواني نفس المغالطة بالاجتزاء والبتر من كتاب "فقه السنة" على نحو غير أمين، حيث تعمد مرة خامسة إغفال باقي النص الذي اقتبسه، وتمامه كالتالي:
".. وقالت الاحناف وابن أبي ليلى: لا يقتل المسلم إذا قتل الكافر الحربي، كما قال الجمهور. وخالفوهم في الذمي، والمعاهد. فقالوا "إن المسلم إذا قتل الذمي أو المعاهد بغير حق، فإنه يقتل بهما، لان الله تعالى يقول: " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس". وأخرج البيهقي من حديث عبد الرحمن البيلماني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قتل مسلما بمعاهد. وقال: " أنا أكرم من وفى بذمته ". وقالوا أيضا: ان المسلمين أجمعوا على أن يد المسلم تقطع إذا سرق من مال الذمي.فإذا كانت حرمة ماله كحرمة مال المسلم، فحرمة دمه كحرمة دمه!".
ونجد هنا أيضا نصا قاطعا مانعا في المادة 189 من قانون العقوبات من مشروع تقنين الشريعة، ونصها:
"كل بالغ قتل نفسا عمدا يعاقب بالإعدام قصاصا إذا كان المقتول معصوم الدم وليس فرعا للقاتل، ونفس الذكر والأنثى والمسلم وغير المسلم سواء".


نتيجة البحث:
• قام عشرات من علماء الشريعة والقانون والسياسة الشرعية في أواخر السبعينات بإكمال مشروع لتقنين الشريعة استغرق إعداده ستين شهرا متواصلة.

• النماذج الخمسة التي اختارها الدكتور الأسواني، جاءت مجتزأة وغير كاملة ولا تعبر عن كل اجتهادت "أهل السنة والجماعة" التي أراد الكاتب أن يثير المخاوف تجاهها ويفزع المجتمع منها.

• النماذج الخمسة (أحكام الشهادة ، القذف، شرب الخمر، الدية والقصاص) تناولها كلها من ناحية الأقباط فقط، فظهر هذا مع المغالطات الواضحة وكأن المقصود به إثارة حفيظة الأقباط وإشعال الفتنة بين شركاء الوطن، خاصة وأنه حكم بأن هذه الأحكام حال تطبيقها ستشعل حربا أهلية في مصر.
• برغم طلب الدكتور الأسواني لأن تكون هناك اجتهادات فقهية حديثة تراعي اختلاف الزمان والمكان، فإنه لم يلتفت مطلقا لأحدث هذه الاجتهادات المتمثلة في المشروع الضخم لتقنين الشريعة وهو من الشهرة بحيث لا نتصور خفاءه على الدكتور الأسواني، وعلى كل حال فإن كان لم يسمع به فتلك مصيبة لمن يريد أن يتصدى لموضوعات فقهية على هذا المستوى، وإن كان يعلم بها فالمصيبة أعظم لأنها ستعني تعمده إثارة الفتنة بين المسلمين والأقباط بالافتراء على أحكام الشريعة بجهل أو بغفلة.

• قول الدكتور الأسواني في مقدمة بحثه (أعتذر هنا لأننى سوف أستعمل كلمة كافر للإشارة إلى المواطن القبطى، فهكذا فعل معظم الفقهاء، وهكذا فعل الشيخ سيد سابق نفسه) قول كاذب وعار من الصحة فلا الشيخ السيد سابق ولا الفقهاء يطلقون في أحكامهم على الأقباط لفظ الكفار. هذا ادعاء كاذب، بل وتكذبه النصوص التي اقتبسها الكاتب نفسه من كتاب "فقه السنة" ، كنقله لقوله (فالكتابيون الذين يتجنسون بجنسية الدولة المسلمة.. مثل الأقباط فى مصر.. وكذلك الكتابيون الذين يقيمون مع المسلمين مؤقتا مثل الأجانب ..) ، فالفقهاء عموما يصفونهم بالكتابيين أو أهل الذمة في كل أحكامهم.

• من المؤسف أن يحمل الخلاف السياسي الدكتور الأسواني إلى المجازفة بإشعال فتنة طائفية، وسواء كانت أفكاره في مقاله عن جهل أو غرض فإنها تمثل استهتارا شديدا وتجنيا كبيرا على أحكام الشريعة الإسلامية.


ملحق (أ)
شاركت كوكبة من كبار العلماء والفقهاء والقانونيين والدستوريين والسياسيين والشخصيات العامة في إعداد مشروع تقنين الشريعة، وهذه قائمة بأسمائهم:

أولا - اللجنة الخاصة:
1. الدكتور صوفى ابو طالب ، رئيسا.
2. الأستاذ حافظ بدوى.
3. الأستاذ أحمد على موسى.
4. الدكتور كامل ليلة.
5. الدكتور جمال العطيفى.
6. الدكتور طلبة عويضة.
7. الأستاذ ممتاز نصار.
8. الأستاذ دكتور محمد محجوب.
9. الأستاذ حنا ناروز.
10. المهندس ابراهيم شكرى.
ويضم اليهم من الأساتذة والمتخصصين السادة:
1. فضيلة الامام الاكبر شيخ الازهر.
2. وزير العدل
3. رئيس جامعة الازهر
4. فضيلة المفتى
5. أحمد حسن هيكل
6. رئيس محكمة النقض
7. رئيس مجلس الدولة
8. النائب العام
9. رئيس ادارة قضايا الحكومة
10. رئيس محكمة استئناف القاهرة
11. المدير العام للنيابة الادارية
12. عبدالعزيز عيسى ، وزير شئون الازهر سابقا
13. عبد المنعم النمر – وزير الاوقاف سابقا
14. زكريا البرى - وزير الاوقاف سابقا
15. عبد المنعم فرج الصده – نائب رئيس جامعة الازهر سابقا
16. عبد الحليم الجندى – رئيس ادارة قضايا الحكومة سابقا
17. أحمد ثابت عويضة – نائب رئيس مجلس الدولة
18. أحمد فتحى مرسى – نائب رئيس محكمة النقض سابقا وعضو مجلس الشورى
19. عبدالله المشد – عضو مجمع البحوث الإسلامية
20. عطية صقر - عضو مجمع البحوث الإسلامية
21. ابراهيم الواقفى - عضو مجمع البحوث الإسلامية
22. حسين حامد حسان – رئيس قسم الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة
23. ابراهيم صالح – نائب رئيس محكمة النقض
24. نقيب المحامين
25. عمداء كليات الحقوق
26. عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الازهر

اللجان الفرعية

لجنة التقاضى:
1. الأستاذ ممتاز نصار – رئيسا
2. الأستاذ عبد الرحمن توفيق على خشبة
3. الأستاذ عبدالله على حسن
4. الأستاذ فتحى زكى الصادق محمد على
5. الأستاذة بثينة الطويل
6. الأستاذ حامد على كريم
7. الأستاذة عنايات ابو اليزيد يوسف
8. الأستاذ ابراهيم محمد الزاهد
9. الأستاذ على السيد الهلالى

لجنة القوانين الجنائية:
1. الأستاذ حافظ بدوى - رئيسا.
2. الأستاذ كمال خيرالله
3. الأستاذ وديع داود فريد
4. الأستاذ حسين المهدى
5. الأستاذ طارق عبد الحميد الجندى
6. الأستاذ حازم ابو ستيت
7. الأستاذ محمد عبد الغفار السودانى
8. الأستاذ محمد عبد الحميد المراكبى

لجنة المعاملات المدنية:
1. دكتور جمال العطيفى – رئيسا
2. الأستاذ عبد البارى سليمان
3. الأستاذ صلاح الطاروطى
4. الأستاذ جورج روفائيل رزق
5. الأستاذ عبد الرحيم عبد الرحمن حمادى
6. الأستاذ على على الزقم
7. الأستاذ محيى الدين عبد الغفور محرم
8. الأستاذ عويس عبد الحفيظ عليوه
9. الأستاذة سماء الحاج ادهم محمد عليوه

لجنة التجارة البحرية:
1. الأستاذ أحمد على مرسى – رئيسا
2. الأستاذ حنا ناروز
3. الأستاذ مصطفى غباشى
4. الأستاذ عبد الغفار ابو طالب
5. الأستاذ حسن ابو هيف
6. الأستاذ عبد السميع عبد السلام مبروك

لجنة القانون التجارى:
1. دكتور محمد كامل ليلة - رئيسا
2. الأستاذ حسين وشاحى
3. الأستاذ أحمد ابو زيد الوكيل
4. الأستاذ سعد أحمد بهنساوى قناوى
5. الأستاذ عدلى عبد الشهيد
6. الأستاذ عدنان محمد شلبايه

لجنة القوانين الاجتماعية:
1. دكتور محمد محجوب – رئيسا
2. الأستاذ محمود ابو زيد
3. الأستاذة فايدة كامل
4. الأستاذ أحمد محمد ابو زيد
5. الأستاذ محمود نافع
6. الأستاذ محمود أحمد سلام أبو عقيل
7. الأستاذ إسماعيل أبو المجد رضوان
8. الأستاذ أبو المكارم عبد العزيز عبد الرحيم
9. الأستاذ نشأت كامل برسوم


د. محمد هشام راغب
https://www.facebook.com/Dr.M.Hesham.Ragheb